#تقدير موقف #غير مصنف

مصر بين السلاح الأميركي والصيني

تمرّ منطقة الشرق الأوسط بظروف عسكرية وسياسية بالغة الدقة والأهمية، يمكن أن نقول إنها ستكون بداية لانفجار كبير في المنطقة يمكن أن يتأثر به العالم على مختلف مشاربه. هذه الظروف تمثلت في الحرب القائمة في غزة بُعيد عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الفائت التي نفذتها حماس ضد إسرائيل في غلاف غزة وما تبعها من حرب مفتوحة على تنظيم حزب الله اللبناني، ونتيجة سير المعارك أصبح من الواضح تمامًا استخدام أحدث التقنيات العسكرية في هذه الحرب من خلال الحرب السيبرانية التي تمثلت في الرصد والمتابعة الدقيقة للأهداف وطائرات وأسلحة متطورة تنتمي إلى الجيل الخامس من أجيال الأسلحة العسكرية، خاصة سلاح الطيران، الذي بات يلعب دورًا مركزيًا في حسم المعركة.

تلك الأجواء المتوترة دفعت بمصر لمحاولة تحديث أساطيلها الجوية العسكرية لتتماشى مع التطور الكبير لسلاح الجو الإسرائيلي، الذي أثبت أنه القوة الضاربة من خلال استخدام الطائرات F-35 “الشبحية” في المعارك التي تخوضها إسرائيل مع التنظيمات الراديكالية في المنطقة، ولعل مصر التي تعد من أكبر الدول العربية وتملك أقوى جيش من جيوشها من حيث العدد والعدة، أصبحت بحاجة ماسة إلى تطوير وتحديث أسطولها الجوي الحربي أو إيجاد بديل عن الطائرات القديمة فيه، وأقصد هنا بالتحديد الطائرة F-16 التي تمتلك مصر منها 200 طائرة، وأصبحت قديمة جدًا نسبة إلى مثيلاتها من أساطيل أسلحة الجو في دول المنطقة.

بالرغم من موافقة الولايات المتحدة على تقديم 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية لمصر، إلا أن الأخيرة رفضت عروضًا من الولايات المتحدة وروسيا لترقية أو استبدال أسطولها، ويُقال إن مصر درست، لكنها في النهاية رفضت حزمة أميركية لتحديث طائراتها من طراز F-16 إلى النسخة F-16V، بسبب دعم الولايات المتحدة الأميركية المطلق لإسرائيل في حربها على غزة، وبسبب المبدأ الأساسي لمبيعات الأسلحة الأميركية في الشرق الأوسط والمتمثل في الحفاظ على التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي على جيرانه، وهو ما يتطلب من الولايات المتحدة ضمان تفوق إسرائيل على القدرات العسكرية الاستراتيجية لدول المنطقة الأخرى، لا سيما في القوة الجوية. وخلال عام 2021، نجحت الضغوط الأميركية على مصر في إيقاف مشروع شراء الطائرات الشبحية الروسية Su-35 من خلال تحذير وجهته لها بفرض عقوبات بموجب قانون مواجهة خصوم أميركا من خلال العقوبات (CAATSA)، ومن هنا أصبحت مصر تبحث عن خيارات أكثر استقلالية لإمداداتها الدفاعية، متجهة على نحو متزايد إلى دول مثل الصين، التي تفرض شروطًا سياسية أقل، كما إن العلاقات تبقى مشحونة خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، ومع ذلك فإن اقتناء مصر للأسلحة الصينية يعكس تحولًا جيوسياسيًا أعمق.

Subscription Form

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page